امتداداً لتجربتها في تطوير كافة النواحي التخطيطية والعمرانية
والاقتصادية والثقافية والبيئية والمعلوماتية في العاصمة، ونظرتها
التكاملية مع كافة أجزاء منظومة العمل في المدينة من الأجهزة الحكومية،
ساهمت الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض في تولي أعمال التخطيط والتصميم
والإشراف والتنفيذ لأكثر من 40 مشروعاً ومنشأة في المدينة تخص الجهات
الحكومية الأخرى، كأحد جوانب العلاقة التكاملية فيما بين الهيئة ونظيراتها
من الأجهزة العاملة في المدينة.
وتنطلق رؤية الهيئة في هذا المجال، من إيمانها بأن مقار هذه الأجهزة
تعد منشآت حضارية مهمة على مستوى المدينة، وتمثل اللبنات الأساسية لتكوين
النسيج العمراني في العاصمة، إلى جانب رغبة الهيئة في تعظيم الاستفادة مما
يتوافر لدى جهازها من كوادر وإمكانات إدارية وفنية وتجربة متراكمة.
من هذا المنطلق تسعى الكثير من الجهات
الحكومية والعامة للإفادة من خبرة الهيئة في تصميم مقراتها والإشراف على
تنفيذها، لتكون هذه المقرات قادرة على تحقيق وظائفها، وعلى مستوى عالٍ من
الجودة المعمارية التي تعكس رسالة المؤسسة المالكة. وتحرص هيئة التطوير في تنفيذ مشاريع
هذه الجهات على أن توفر أكبر قدر من الفوائد، والمنافع العامة، كأن يتوافق
المقر (المنشأة) مع توجُّهات “المخطط الاستراتيجي الشامل لمدينة الرياض” –
الذي وضعته الهيئة وتعمل على تحديثه حالياً – وترشيد تكاليف الإنشاء
والتشغيل والصيانة، واعتماد المبادئ الحديثة في العمارة، والإنشاءات من حيث
اعتماد، متطلبات البيئة، وترشيد الموارد والاستدامة، وسهولة الصيانة،
وخدمة الجوار المحيط، وتوفير الساحات والميادين للنسيج العمراني المحيط.
وقد ساهمت الهيئة خلال السنوات الماضية في إنشاء ما يزيد على ثلاثين منشأة.
احتياجات مستقبلية
وقد فرضت الزيادة الكبيرة التي يشهدها
الإنتاج الفكري الوطني في المملكة، وتوقعات الاحتياجات المستقبلية لهذا
الإنتاج، إجراء توسعة شاملة لمقر مكتبة الملك فهد الوطنية الذي يتوسط العصب
التجاري بين شارعي العليا وطريق الملك شمالي الرياض، بما يسمح بقيام
المبنى الجديد بعد التوسعة في وظيفة المكتبة الوطنية، ووظيفة المكتبة
العامة، إلى جانب ما سيوفره من إمكانيات للبحوث والدراسات. ويتسم مشروع تطوير مكتبة الملك فهد
الوطنية الذي تشرف عليه هيئة تطوير الرياض، بخصائص تكسبه قدراً كبيراً من
الأهمية، وذلك لتميزه في جانب الفكرة التصميمية للمشروع، واستغلاله الأمثل
للأرض التي يتربع عليها المشروع، مع الاهتمام بالنواحي الوظيفية للمكتبة،
في الوقت الذي يبقي فيه مشروع التطوير على المبنى الحالي للمكتبة، ويحور
استخداماته لتتناسب مع وضعه الجديد، ويجعل المبنيين وحدة واحدة متكاملة
الوظائف، مع استمرار العمل في المقر الحالي للمكتبة أثناء فترة تنفيذ
المشروع.
أدوار إضافية للمبنى
ويتضمن المشروع إنشاء أدوار إضافية جديدة
فوق المبنى الحالي للمكتبة ، كما سيتم تغيير الشكل الخارجي للمبنى تبعاً
للتغيير الطارئ عليه. وتبلغ المساحة الإجمالية للمبنى الحالي 21 ألف متر
مربع، وعند اكتمال إنشاء المبنى المقترح ستصبح المساحة الإجمالية 87 ألف
متر مربع شاملة المواقف الخاصة بموظفي المكتبة الواقعة تحت مستوى سطح
الأرض، إضافة إلى مبنى المكتبة القديم. وقد وقع الملك سلمان بن عبد العزيز -حفظه
الله ورعاه- (أمير منطقة الرياض رئيس الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض
المشرف العام على مكتبة الملك فهد الوطنية آنذاك)، عقد تنفيذ المقر الجديد
لمكتبة الملك فهد الوطنية، في صباح اليوم الثلاثاء 18 شوال 1428هـ في مكتب
سموه في قصر الحكم مع مجموعة بن لادن السعودية بتكلفة قدرها 287.660.903
ريالات، ومدة تنفيذ تبلغ 30 شهرا، وذلك بعد طرح المشروع في منافسة عامة
وترسيته على العرض الأقل مالياً.
اعتبارات مباني المكتبات
تم التركيز في مشروع إعادة تطوير
المكتبة، على عدد من الاعتبارات المتعلقة بمباني المكتبات، من حيث القدرات
الميكانيكية، والاحتياطات الخاصة بالحركة، والإدارة، والأمن والسلامة،
والمرونة والقابلية للتوسع المستقبلي. كما تم الاعتماد أيضاً على ضرورة توظيف
مبنى المكتبة القائم، وما يتمتع به من خصائص، مع مباني التوسعة الجديدة،
إضافة إلى الحرص على أن تكون المكتبة مؤهلة للقيام بدورها الوطني، ودورها
كمكتبة عامة مفتوحة للجمهور نظراً لحاجة المدينة إلى المرافق الثقافية،
وأهمها المكتبات، وامتيازات الموقع المتوسط الذي تكثر فيه الاستعمالات
المتعددة، ويشكل مقصدا دورياً لمعظم سكان المدينة، ما يتيح الفرصة لإفادتهم
من المكتبة العامة.
ساحة مفتوحة للمكتبة
يشتمل مشروع التطوير على إعادة لتصميم
حديقة المكتبة المجاورة للمقر الحالي، بما يكفل توفير ساحة عامة شرق المبنى
تبلغ مساحتها 20 ألف متر مربع تقريباً تضاف إلى الساحات العامة في
المدينة، وتسد جانباً من احتياجات المنطقة المحيطة بالمكتبة التي تتسم
بكثافتها العمرانية العالية، وتعدد استعمالاتها، وبما يتناسب مع تصميم
المكتبة الحديث، ودورها الريادي في ثقافة المجتمع. ومن خلال التصميم العمراني للمشروع، تم
ربط المناطق المجاورة له من جهة الجنوب مع المناطق المجاورة من جهة الشمال،
عبر ممرات مشاة تسمح بمرور السيارات ضمن تصميم الساحة العامة، كما سيوفر
المشروع 620 موقفاً للسيارات.
سيمكن تصميم المبنى الحديث للمكتبة، من
استيعاب 2.4 مليون كتاب ودورية ووثيقة، مع قابلية التوسع مستقبلاً لتستوعب
3.3 مليون كتاب ودورية ووثيقة، وهو ما سيفي باحتياجات المكتبة لسنوات
قادمة. وسيوفر التصميم الجديد للمكتبة أيضاً
فراغات كبيرة للمجموعات المكتبية وأوعية المعلومات غير المتاحة بشكل مباشر
للجمهور، وفراغاً لمكتبة النساء مع قاعات للقراءة، وفراغاً للمكتبة العامة،
وقاعات واسعة للقراءة، كما يوفر فراغات واسعة للأعمال المكتبات، والأنشطة
الثقافية المتعلقة بها مثل قاعات المجموعات الخاصة، ومعامل تجهيز الكتب،
وقاعات ندوات، وأخرى للمحاضرات، وقاعات الأوعية السمعية والبصرية، فضلاً عن
مكاتب العاملين في المكتبة، ومقر جمعية المكتبات السعودية، ومقر مجلس
أمناء المكتبة، وغيرها من المرافق الخدمية.
لتصميم المعماري والعمراني الجديد
للمكتبة، كان قد طرح في مسابقة معمارية تحت إشراف الهيئة العليا لتطوير
مدينة الرياض، بين عدد من المكاتب الاستشارية المحلية والعالمية، استغرقت
المسابقة سبعة أشهر لتنتهي باختيار التصميم المقدم من تضامن مكتب – قيربر
معماريون Gerber Architect (من ألمانيا) ومكتب الخدمات الاستشارية السعودي ـ
سعود كونسلت (من السعودية ) كأفضل المتقدمين من حيث تميز الفكرة،
والاستغلال الأمثل للأرض، مع الاهتمام بالنواحي الوظيفية للمكتبة، إضافة
إلى الإمكانات الفنية المتوافرة لدى هذين الاستشاريين.
وتنشأ الحاجة إلى تنظيم المسابقات
المعمارية عادة، للحصول على أفكار تصميمية جديدة، ترتقي بالبيئة العمرانية
للمدن، بما يحقق احتياجات المدينة المادية والمعنوية، ويعالج المشكلات التي
تضعف البيئة الإنسانية في المدن، في الوقت الذي تسهم فيه هذه المسابقات في
طرح حلول معمارية مدروسة تحقق المتطلبات المعمارية للمنشآت، بما ينسجم مع
ثقافات المجتمع ومعتقداته وسط بيئات إنسانية مترابطة، وبما يراعي
الاعتبارات الجمالية للتصميم.
ولعل من بين المبادئ التي تسعى من
خلالها الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، إلى تحقيق رؤيتها التطويرية
المعمارية والعمرانية في مختلف برامجها ومشاريعها التطويرية في المدينة،
اتباع أسلوب المسابقات المعمارية طريقاً للوصول إلى أفضل الأفكار
والتصاميم، وممرا لعبور التجديد والإبداع لصورة المدينة ونسيجها العمراني.
عناصر المكتبة المطورة
وتبلغ المساحة الإجمالية للمبنى الحالي
21 ألف متر مربع، وعند اكتمال إنشاء المبنى المقترح ستصبح المساحة
الإجمالية 87 ألف متر مربع، شاملة المواقف الخاصة بموظفي المكتبة الواقعة
تحت مستوى سطح الأرض، إضافة إلى مبنى المكتبة القديم . وتركز الفكرة التصميمة للمشروع على
احترام المبنى القائم، حيث سيقوم المبنى الجديد فوق المبنى القائم بشكل
مباشر، بالاعتماد على الشكل “التكعيبي الجيومتري”, إضافة إلى ما سيتمخض عنه
التصميم من تشكيل علامة رئيسة في المدينة، حيت يحتوي المبنى القديم
والجديد في فضاء واحد.
كما أن المبنى القديم الذي سيحاط بفناء
كبير، سيكون مرئياً من قبل المارة من خارج وداخل المبنى الجديد من خلال
القاعة الرئيسة، فيما نظَمت الحركة الرئيسة التي تؤدي إلى قاعات المكتبة
بحيث توفر رحلة علمية ممتعة للتجربة والاكتشاف. ومن خلال تعبيره الرأسي، سيوجد المبنى
الجديد فضاءات متعددة متوجة بحديقة سماوية في أعلى المكتبة، تحتضن أشجار
النخيل مما يحقق فكرة الإحساس بالأرض فوق السماء، في الوقت الذي تحقق فيه
نوعاً من الإثارة المعرفية لدى كل من يطلع على المبنى من الخارج. كما ستكسي واجهات المبنى بغطاء من المظلات الشفافة من الداخل لتوفر الحماية من أشعة الشمس من الخارج. ومن الناحية البصرية، فإن شكل التكوين
“التكعيبي الجيومتري”، يمنح المبنى قيمة ثقافية تاريخية ترتفع به للأعلى
ليشكل مكعباً صريحاً أمام الناظرين، في الوقت الذي يعكس فيه هذا التكوين
مبدأ الوحدة المعرفية التي يمثلها الكتاب. كما يوحي تكوين المبنى بالاستمرارية
والتصاعدية للأعلى رغم وجود الحديقة السماوية، مما يولد إحساساً يحمل عمقاً
رمزيّاً يتمثل في كون المعرفة تعيش حالة صعود مستمرة، وهو ما يعبر عنه
المبنى بوضوح.
قاعدة معلومات وطنية
وقد أدت مكتبة الملك فهد الوطنية منذ
إنشائها رسالتها المتمثلة في خدمة الباحثين والدارسين، حتى أصبح اسمها
متداولاً بين المكتبات الكبرى محلياً وخارجياً، فهي تضم إلى جانب قاعدة
معلومات المملكة العربية السعودية، الأرشيف الوطني للصور الفوتوغرافية،
وإدارة التسجيل والترقيم الدولي، وفيها يطبق النظام العالمي من خلال الرقم
الدولي المعياري للكتب والدوريات، وإدارة الإيداع النظامي الذي طبق نظامها
في عام 1414هـ وبموجبه يلزم الناشرون بإيداع نسخ من إنتاجهم في المكتبة
الوطنية. وإضافة إلى دورها في توثيق التراث
الوطني، والإنتاج الثقافي المحلي، تمثل مكتبة الملك فهد الوطنية، أحد أهم
معالم مدينة الرياض ومكملة للتطور العمراني في منطقة العصب المركزي
للمدينة.
وصدر قرار مجلس الوزراء عام 1410هـ
بالموافقة على نظام مكتبة الملك فهد الوطنية وهيكلها الإداري، وتضمن النظام
مجموعة مواد تحدد مهام وأهداف المكتبة التي تتمثل في:
- اقتناء الإنتاج الفكري وتنظيمه وضبطه
وتوثيقه والتعريف به ونشره، سواء فيما يتعلق بما ينشر داخل المملكة أو
خارجها، وحصر ما ينشر عن المملكة، وجمع ما يعتبر من الموضوعات الحيوية
للمملكة من إنتاج فكري عالمي، وبشكل خاص الإنتاج الفكري الذي يساعد على
دراسة الحضارة الإنسانية ومسايرتها في مختلف نواحيها.
- كما تضمنت أهداف المكتبة، جمع كتب التراث
والمخطوطات والمصورات النادرة والمطبوعات والوثائق المنتقاة، وبالأخص ماله
علاقة بالحضارة العربية والإسلامية، وتسجيل ما يودع لديها، وإصدار
الببليوجرافيا الوطنية والفهارس الموحدة وغيرها من أدوات التوثيق، وإنشاء
قواعد للمعلومات الببليوجرافية، وتقديم الدراسات المرجعية للأجهزة والهيئات
الحكومية، وإتاحة الخدمات المرجعية والإعارة للأفراد والأجهزة والهيئات
الحكومية والخاصة، إلى جانب إقامة وتنظيم معارض الكتب والندوات والمؤتمرات،
و تمثيل المملكة في اللقاءات والمؤتمرات الدولية في مجال اختصاصها، و
التعاون وتبادل المعلومات والمطبوعات مع المكتبات والهيئات والمنظمات
الدولية.
- ويناط بمكتبة الملك فهد الوطنية،
قيادة وتطوير أعمال وخدمات المكتبات ومراكز المعلومات عبر المشاركة في وضع
الخطط الوطنية لأنظمة المكتبات والمعلومات والوثائق، ووضع المواصفات
والمقاييس الببليوجرافية الوطنية وتشجيع ومتابعة تطبيقها في المكتبات
ومراكز المعلومات، وتنفيذ برامج استثمار المعلومات بما في ذلك إنشاء شبكة
معلومات تعاونية بين المكتبات ومراكز المعلومات، والمساهمة في إعداد ونشر
البحوث والدراسات والأدلة الخاصة بأعمال المكتبات والمعلومات.
صور جديدة للمشروع.